سورة فاطر - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فاطر)


        


قوله تعالى: {الحمدُ لله فاطِرِ السَّموات والأرض} أي: خالِقُهما مبتدئاً على غير مِثال. قال ابن عباس: ما كنت أدري ما فاطر السماوات والأرض حتى اختصم أعرابيَّان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتُها، أي: ابتدأتُها.
قوله تعالى: {جاعِلِ الملائكةِ} وروى الحلبي والقزَّاز عن عبد الوارث: {جاعِلٌ} بالرفع والتنوين {الملائكةَ} بالنصب {رُسُلاً} يرسلهم إِلى الأنبياء وإِلى ما شاء من الأمور {أُولي أجنحة} أي: أصحاب أجنحة، {مَثنى وثُلاثَ ورُباعَ} فبعضُهم له جناحان، وبعضُهم له ثلاثة، وبعضهم له أربعة، و{يزيدُ في الخَلْق ما يشاء} فيه خمسة أقوال.
أحدها: أنه زاد في خَلْق الملائكة الأجنحة، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: يَزيد في الأجنحة ما يشاء، رواه عبّاد بن منصور عن الحسن، وبه قال مقاتل.
والثالث: أنه الخلق الحسن، رواه عوف عن الحسن.
والرابع: أنه حُسن الصوت، قاله الزهري، وابن جريج.
والخامس: المَلاحة في العينين، قاله قتادة.
قوله تعالى: {ما يَفْتَحِ اللّهُ للنَّاس مِنْ رحمةٍ} أي: من خير ورزق، وقيل: أراد بها المطر {فلا مُمْسِكَ لها} وقرأ أُبيُّ بن كعب، وابن أبي عبلة: {فلا مُمْسِكَ له}. وفي الآية تنبيه على أنه لا إِله إِلا هو، إِذ لا يستطيع أحدٌ إِمساك ما فتَحَ وفَتْح ما أمسك.


قوله تعالى: {يا أيَّها النَّاس اذكُروا نعمة الله عليكم} قال المفسرون: الخطاب لأهل مكة، و{اذكُروا} بمعنى: احفظوا، ونعمة الله عليهم: إِسكانهم الحَرَم ومنع الغارات عنهم.
{هل مِنْ خالقٍ غيرُ الله} وقرأ حمزة والكسائي: {غيرِ الله} بخفض الراء؛ قال أبو علي: جعلاه صفة على اللفظ، وذلك حَسَنٌ لإِتباع الجرِّ. وهذا استفهام تقرير وتوبيخ؛ والمعنى: لا خالق سواه {يرزُقُكم من السماء} المطر و من {الأرض} النبات. وما بعد هذا قد سبق بيانه [الأنعام: 95، آل عمران: 184، البقرة: 210، لقمان: 33] إِلى قوله: {إِنَّ الشيطان لكم عَدُوٌّ} أي: إِنه يريد هلاككم {فاتَّخِذوه عَدُوّاً} أي: أنزِلوه من أنفُسكم منزلة الأعداء، وتجنَّبوا طاعته {إِنَّما يدعو حِزبه} أي: شيعته إِلى الكفر {لِيكونوا من أصحاب السَّعير}.


قوله تعالى: {أفَمَنْ زُيِّنَ له سُوءُ عمله} اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها نزلت في أبي جهل ومشركي مكة، قاله ابن عباس.
والثاني: في أصحاب الأهواء والمِلل التي خالفت الهُدى، قاله سعيد بن جبير.
والثالث: أنهم اليهود والنصارى والمجوس، قاله أبو قلابة.
فان قيل: أين جواب {أفَمَنْ زُيِّن له}؟.
فالجواب: من وجهين ذكرهما الزجاج.
أحدهما: أن الجواب محذوف؛ والمعنى: أفَمَنْ زُيِّن له سُوء عمله كمن هداه الله؟! ويدُلُّ على هذا قوله: {فانَّ الله يُضِلُّ من يشاء ويَهدي من يشاء}.
والثاني: أن المعنى: أفَمَنْ زُيِّن له سوء عمله فأضلَّه اللّهُ ذهبتْ نفسُك عليهم حسرات؟! ويدلُّ على هذا قوله: {فلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عليهم حَسَراتٍ}. وقرأ أبو جعفر {فلا تُذْهِبْ} بضم التاء وكسر الهاء {نَفْسَكَ} بنصب السين.
وقال ابن عباس: لا تغتمَّ ولا تُهْلِكْ نَفْسَكَ حَسْرة على تركهم الإِيمان.
قوله تعالى: {فتُثيرُ سحاباً} أي: تُزعجه من مكانه؛ وقال أبو عبيدة: تجمعُه وتجيء به، و{سُقْناه} بمعنى: نسوقه؛ والعرب قد تضع فَعَلْنَا في موضع نَفْعَلُ، وأنشدوا:
إِن يَسْمَعُوا رِيبَةً طاروا بها فَرَحاً *** مِنِّي ومَا سَمعوا مِنْ صَالحٍ دَفَنُوا
المعنى: يَطيروا ويَدفِنوا.
قوله تعالى: {كذلك النُّشور} وهو الحياة. وفي معنى الكلام قولان:
أحدهما: كما أحيا اللّهُ الأرض بعد موتها يُحيي الموتى يوم البعث. روى أبو رزين العقيلي، قال: قلت: يا رسول الله: كيف يُحيي اللّهُ الموتى؟ وما آيةُ ذلك في خَلْقه؟ فقال: «هل مررتَ بوادي أهلك مَحْلاً؟ ثم مررتَ به يهتزُّ خَضِراً؟» قلت: نعم، قال: «فكذلك يُحيي اللّهُ الموتى، وتلك آيتُه في خَلْقه». والثاني: كما أحيا اللّهُ الأرض المينة بالماء، كذلك يُحيي الله الموتى بالماء. قال ابن مسعود: يرسِلُ اللّهُ تعالى ماءً من تحت العرش كمنِيِّ الرجال، قال: فتنبت لُحْمانهم وجُسْمانهم من ذلك الماء، كما تنبت الأرض من الثرى، ثم قرأ هذه الآية. وقد ذكرنا في [الأعراف: 57] نحو هذا الشرح.

1 | 2 | 3 | 4 | 5